الجمعة، 29 يونيو 2012

بورما المنسية جرح لا يندمل

بورما المنسية جرح لا يندمل

12
مسلمو بورما قضية تشكل محنة كبيرة، وهي كارثة إنسانية بما تحويه هذه الكلمة من كل المعاني, وجريمة عظيمة في حق المجتمع الدولي الذي يتغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا تعتبر إبادة جنس بشري أو فئة معينة داخل بورما شأنًا داخليًا يخص بورما وحدها، بل يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم؛ لأنه يتعلق بحقوق الإنسان التي لحمايتها أعلنت هيئة الأمم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان؛ فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء و الأطفال يصرخون ويستنصرون بالأمة الإسلامية حكومات وشعوبًا, ويناشدون المسلمين في العالم أن يقفوا بجانب مسلمي بورما في مواجهة العمليات العدوانية الإجرامية الوحشية، فهيا بنا نشد الرحال تلقاء قارة آسيا لنتفقد أحوال إخواننا المسلمين في بورما.
بورما أو(مينامار حاليًا): أكبر الدول في جنوب شرقي آسيا من حيث المساحة، وتشارك في الحدود بنجلاديش والهند والصين ولاوس وتايلاند, ويقع إقليم أراكان المسلم في جنوب غرب بورما، يحده من الغرب خليج البنغال، ومن الشمال الغربي بنغلادش، وفي شرقه سلسلة جبال هملايا (جبال أراكان) التي جعلت أراكان منفصلة عن بورما البوذية تمامًا، وأعطتها شكل وحدة جغرافية مستقلة.
- العاصمة: رانجون
- المساحة: تقدر المساحة الكلية لمينامار الحالية بأكثر من 261.000ميل ، وتقدر مساحة إقليم أراكان بورما قرابة 20.000ميل مربع.
عدد سكان بورما ميانمار
يبلغ تعداد السكان نحو 55 مليون نسمة, وتشير الإحصائيات الرسمية في ميانمار (بورما) إلى أن نسبة المسلمين في هذا البلد تقل عن 15% من إجمالي عدد السكان، حيث يتراوح عدد المسلمين بين 8 -10مليون نسمة نصفهم في إقليم أراكان بورما ذي الأغلبية المسلمة، حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 70%.
الديانة في بورما
البوذية الديانة الرسمية وتبلغ نسبتها 89%, المسيحية 4%, الإسلام 4% ويطلق على الأقلية المسلمة في بورما شعب الروهنجيا، وهم ينحدرون من أصول عربية، وفارسية، و ملاوية، ومغولية، و باتانية (الباتان قوم يقطن أكثرهم في باكستان وأفغانستان والهند ويعرفون أيضًا بالبشتون),1% عباد الطبيعة,2% ديانات أخرى.
المجموعات العرقية في بورما
يتكون اتحاد بورما من أعراق كثيرة جدًا تصل إلى أكثر من 140 عرقية، وأهمها من حيث الكثرة البورمان- وهم الطائفة الحاكمة- وشان وكشين وكارين وشين وكايا وركهاين -الماغ- والمسلمون ويعرفون بالروهينجا، وهم الطائفة الثانية بعد البورمان, ويُعدُّ المسلمون من أفقر الجاليات في ميانمار، وأقلها تعليمًا، ومعلوماتهم عن الإسلام محدودة.
- اللغة الرسمية في بورما هى البورمية, ولغات أخرى خاصة بالأقليات العرقية المختلفة.
المساجد والمؤسسات الإسلامية في بورما
عدد المساجد في العاصمة: 32 مسجدًا، جدير بالذكر أن في بورما يوجد أكثر من 2566 مسجدًا، كما توجد أكثر من 5901 مدرسة وجامعة إسلامية، ومنها في أراكان 1538 مسجدًا، و405 مدرسة وجامعة إسلامية.
دخول الإسلام أراكان
يذكر المؤرخون أن الإسلام وصل إلى أراكان في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد -رحمه الله-في القرن السابع الميلادي عن طريق التجار العرب حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها (48) ملكًا مسلمًا على التوالي، وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي 1430م - 1784م، وقد تركوا آثارًا إسلامية من مساجد ومدارس وأربطة، منها مسجد بدر المقام في أراكان والمشهور جدًا -ويوجد عدد من المساجد بهذا الاسم في المناطق الساحلية في كل من الهند وبنغلاديش وبورما وتايلاند وماليزيا وغيرها- ومسجد سندي خان الذي بني في عام 1430م وغيرها.
وتقول أحد الروايات أن الإسلام دخل إلى بورما عن طريق أراكان في القرن الأول الهجري بواسطة تجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه، ومجموعة من التابعين وأتباعهم, حيث كان العرب يمارسون مهن التجارة، ولأجلها يسافرون إلى قاصي البلاد ودانيها، وفي يوم من الأيام انكسرت سفينتهم أثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل أراكان؛ فاضطروا إلى اللجوء إلى جزيرة رحمبي بأراكان, وبعد ذلك توطَّنوا في أراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين، ثم بدأوا بممارسة الدعوة إلى الإسلام فيما بين السكان المحليين، وكان لحسن معاملتهم ودعوتهم أثر كبير في دخول كثير من السكان في الإسلام، وبعد ذلك تردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم، وازداد عدد المسلمين يومًا بعد يوم، إلى أن استطاع المسلمون تأسيس دولة إسلامية في أراكان منذ عام 1430م بيد سليمان شاه، واستمرت الحكومة الإسلامية فيها لمدة أكثر من ثلاثة قرون ونصف إلى أن هجم عليها البوذيون عام 1784م، وهكذا انتشر الإسلام في جميع مناطق بورما.
وقد كان لقيام أول دولة إسلامية في أراكان عام 1420م رواية أيضًا، حيث أن ملك أراكان كان قد هرب إلى ملك البنغال المسلم السلطان ناصر الدين شاه، وذلك في عام 1406م، بعد أن أغار عليه الملك البورمي، واحتل أراضيه وقد اعتنق أراكان الإسلام بعد 24 عامًا، واختار لنفسه اسم سليمان شاه، وأعانه سلطان البنغال على استعادة ملكه لتقوم بذلك أول دولة إسلامية في أراكان امتدت لفترة طويلة بلغت 350 عاما، وكانت أركان دولة حضارية ذات ثقافة إسلامية رفيعة حتى كانت عملاتها المتداولة مضروبة بفضة كتبت عليها (لا إله إلا الله)، وقد حكمها خلال هذه الفترة نحو من 48 ملكًا حتى غزاهم البوذيون في بورما عام 1784م، واحتلوا أراضيهم، وظلوا فيها حتى عام 1824 م، وبعد ذلك احتلت بريطانيا أراكان، وقامت بإضعاف المسلمين هناك في كل المجالات وتقوية البوذيين على حسابهم, وفي عام 1948م نالت بورما الاستقلال، وحاول المسلمون في أراكان الاستقلال إلا أنهم لم يستطيعوا حيث ضمت أراضيهم إلى بورما في وقت انسحاب البريطانيين.
هذا ويقول زعماء الجالية المسلمة في العاصمة (رانجون) ويؤكدون: إن الإسلام دخل بورما منذ القرن الأول الهجري على أيدي التجار العرب في حين تقول السلطات إنه دخل قبيل الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1824م، ومن هذا المنطلق يتم حرمان كل مسلم لا يستطيع إثبات جذوره في البلاد قبل هذا العام من الجنسية.
في عام 1784م احتل أراكان الملك البوذي البورمي (بوداباي)، وضم الإقليم إلى بورما؛ خوفًا من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض فسادًا؛ إذ دمَّر كثيرًا من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، واستمرَّ البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم، وتشجيع البوذيين الماغ على ذلك خلال فترة احتلالهم أربعين سنة والتي انتهت بمجيء الاستعمار البريطاني، وفي عام 1824م احتلت بريطانيا بورما، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، وظل هذا الاستعمار أكثر من 100 عام.
وفي عام 1937م جعلت بريطانيا بورما مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية، وعُرفت بحكومة بورما البريطانية.
وفي عام 1942م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قِبَل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قِبَل البوذيين البورمان والمستعمرين وغيرهم، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مسلم أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشُرِّد أكثر من 500 ألف مسلم إلى خارج الوطن، ومن شدة قسوتها وفظاعتها لا يزال الناس -وخاصة كبار السن- يذكرون مآسيها حتى الآن، ويؤرخون بها، ورجحت بذلك كفة البوذيين الماغ، وفي عام 1947م قبيل استقلال بورما عُقد مؤتمر عام في مدينة بنج لونج للتحضير للاستقلال، ودُعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين الروهينجا لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير مصيرهم.
وفي عام 1948م منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تُمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد 10 سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما أن حصل البورمان على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، و نكثوا على أعقابهم, إذ استمروا في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين الروهينجا والبوذيين الماغ أيضًا، وكانت أول خطتها هي برمنة جميع الشعوب والأقليات التي تعيش في بورما، وفعلًا نجحت في تطبيق خطتها في خلال عدة سنوات, لكنها فشلت تمامًا في حق المسلمين؛ فلا يوجد أحد من المسلمين ارتد عن الإسلام واعتنق الديانة البوذية أو أي دين آخر، وقد أوغر هذا الأمر صدور المعتدين، وقاموا بممارسات بشعة ضد المسلمين.
وقررت الحكومة البورمية بعد ذلك القضاء على المسلمين، واقتلاع جذور الإسلام من أرض بورما، وذلك بقتل ونهب وتشريد المسلمين ومسخ هويتهم وطمس شعائرهم وتراثهم، وتغيير معالمهم وثقافتهم، ودس السموم في نفوسهم، وما إلى ذلك من الأساليب والبرامج للظلم والعدوان، ومنذ أن استولى الجيش على مقاليد الحكم عام 1962م اشتدت المظالم على المسلمين بطريق أوسع من السابق, حتى أن يد الغدر امتدت للروهنجيين الذي كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في طرد الاستعمار البريطاني من البلاد, و هكذا تدهورت أوضاعهم، واتجهت الدولة إلى طردهم من الوظائف الحكومية والجيش، وفي عام 1978م شردت بورما أكثر من300 ألف مسلم إلى بنجلاديش, وفي عام 91-1992م شردت بورما حوالي 300 ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.
وهكذا كان نزوح المسلمين إلى بنغلاديش ومنها إلى بلاد أخرى مستمر كل يوم.وذلك لأن الحكومة خلقت جو الهجرة, فالوضع الذي يعيشه مسلمو أراكان مأساوي بكل المقاييس، فهم محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية، وهناك مئات الآلاف من الأطفال تمشي في ثياب بالية ووجوه شاحبة، وأقدام حافية، وعيون حائرة لما رأوا من مظالم واعتداءات البوذيين و تثقل الأجواء بصرخات الثكالى والأرامل اللائي يبكين بدماء العفة، يخطف رجالهن ويعلقون على جذوع الأشجار بالمسامير حيث تقطع أنوفهم وآذانهم ويفعل بهم الأفاعيل وعشرات المساجد والمدارس تدمر بأيد نجسة مدنسة ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وتتحدث منظمات حقوق الإنسان الدولية عن انتهاكات صارخة يتعرض لها مسلمو الروهينجا بولاية أراكان, إذ يتعرضون للمضايقات وتقييد حرية الحركة، وتُفرض عليهم الأحكام العرفية، وتُدمّر منازلهم، فضلاً عن تقييد حرية العبادة, كما تؤكد المعلومات والوثائق الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان على أن المسلمين في أراكان بورما يتعرضون لصنوف العذاب منذ أكثر من 60 عاماً.
يُعدّ التطهير العرقي أهم مآسي مسلمي بورما؛ فمنذ أن استولى العسكريون الفاشيون على الحكم في بورما بعد الانقلاب العسكري بواسطة الجنرال (نيوين) المتعصب عام 1962م تعرض مسلمو أراكان لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنجاليين في الدين واللغة والشكل
يلي التطهير العرقي طمس الهوية والآثار الإسلامية: وذلك بتدمير الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس تاريخية، وما بقي يمنع منعاً باتاً من الترميم فضلاً عن إعادة البناء أو بناء أي شيء جديد لـه علاقة بالدين والملة الإسلامية من مساجد ومدارس ومكتبات ودور للأيتام وغيرها، وبعضها تهوي على رؤوس الناس بسبب التقادم ، والمدارس الإسلامية تمنع من التطوير أو الاعتراف الحكومي والاعتراف بشهاداتها أو خريجيها.
بالإضافة إلى المحاولات المستميتة لبرمنة الثقافة الإسلامية وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي البورمي قسراً والتهجير الجماعي من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية- فعلى سبيل المثال قامت السلطات البورمية بإبعاد 128 ألف مسلم إلى حدود بنغلاديش عام 1968م. وفي عام 1974م قام الجيش البورمي بحمل 200 عائلة في قوارب وألقوا بهم في جزيرة مهجورة، وتركوهم دون طعام وشراب حتى هلكوا جوعاً وعطشا- وتوطين البوذيين فيها في قرى نموذجية تُبنى بأموال وأيدي المسلمين جبراً، أو شق طرق كبيرة أو ثكنات عسكرية دون أي تعويض، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات الفاشية التي لا تعرف الرحمة.
وتسعى السلطات البوذية دائماً لإلغاء حق المواطنة من المسلمين, إذ تم استبدال إثباتاتهم الرسمية القديمة ببطاقات تفيد أنهم ليسوا مواطنين، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات وتحت التعذيب أو الهروب خارج البلاد، وهو المطلوب أصلاً, ويعيش قرابة 20.000 ألف نسمة في المخيمات التي بنيت بأوراق الشجر والأعواد من قبل الحملات التنصيرية تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة.
كما يعاني مسلمو بورما من العمل القسري لدى الجيش أثناء التنقلات أو بناء ثكنات عسكرية أو شق طرق وغير ذلك من الأعمال الحكومية,و يتم حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعليم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، ومن ثم يُعتقل عند عودته، ويُرمى به في غياهب السجون.
وكذلك فإن السلطات تقوم بمنعهم من السفر إلى الخارج حتى لأداء فريضة الحج إلا إلى بنغلاديش ولمدة يسيرة كما لا يسمح للمسلمين بذبح الأضاحي إلا بشروط صعبة، ويعتبر السفر إلى عاصمة الدولة رانجون أو أية مدينة أخرى جريمة يعاقب عليها، وكذا عاصمة الإقليم والميناء الوحيد فيه مدينة أكياب، بل يمنع التنقل من قرية إلى أخرى إلا بعد الحصول على تصريح, ولا يسمح لهم باستضافة أحد في بيوتهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب إلا بإذن مسبق، وأما المبيت فيمنع منعاً باتاً، ويعتبر جريمة كبرى ربما يعاقب بهدم منزله أو اعتقاله أو طرده من البلاد هو وأسرته.
ولا يقتصر الأمر عند ذلك، بل يتم فرض عقوبات اقتصادية على مسلمي بورما، مثل الضرائب الباهظة في كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلاّ للعسكر أو من يمثلهم بسعر زهيد لإبقائهم فقراء، أو لإجبارهم على ترك الديار.
وفي الآونة الأخيرة تكثف تحديد النسل فيما بين المسلمين، حيث أصدرت قرارات عدة، منها قرار ينص على أن 'المرأة المسلمة لا يمكن زواجها إلا بعد أن تبلغ25 سنة من عمرها، بينما لا يسمح للرجل بالزواج إلا بعد مرور 30 سنة من عمره'. ولا يمكن الزواج إلا بعد الحصول على التصريح المكتوب من إدارة قوات الأمن الحدودية، ولا تسمح بالزواج إلا بعد تقديم الرشوة بمبلغ كبير يرضيها، والذي لا يقدر الجميع على تسديده. كما أنها لا تسمح في سنة كاملة لأكثر من عشرين أسرة بالزواج في القرية التي تتكون من 2000 أسرة على أقل تقدير, فإذا خالف أحد هذا القرار الذي يدعو للحسرة والألم فعقوبته تفكيك الزواج والاعتقال لمدة ستة أشهر وغرامة 500.000 كيات بورمي.
ومنها: قرار يهز مشاعر المسلمين ويهدد كيانهم ووجودهم، والذي لا يوجد له نظير في تاريخ الإنسانية. فهذا القرار المجحف ينص على (إحضار المرأة المسلمة الحامل إلى قاعدة إدارة قوات الأمن الحدودية لأخذ صورتها الملونة كاشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لا بد من دفع الرسوم بمبلغ كبير) وذلك للتأكد – كما تزعم السلطة - على سلامة الجنين، ولتسهيل إحصائية لكل مولود بعد الولادة. ولكن لسان الواقع يلح بأن الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم أي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام.
و أصدرت السلطة قراراً يقتضي بأن العاملين والموظفين في الحكومة لا يسمح لهم بإطلاق لحاهم وارتداء الزي الإسلامي في الدوائر الرسمية وكل من لا يمتثل لهذا الأمر يفصل من الوظيفة. وفعلا تم العمل بهذا القرار، وأعفي المسلمون من العديد من الوظائف, و الأدهى والأمر من ذلك انتهاك حرمات النساء وإجبارهن على خلع الحجاب.
أما التمييز العنصري فحدث عنه ولا حرج فلا يسمح للمسلمين بتكوين أحزاب سياسية ولا جمعيات إسلامية ولا إغاثية، بل ولا حتى يسمح للهيئات الدولية العالمية الإسلامية بالعمل في أراكان.
وهذه الأسباب غيض من فيض والتي أدت إلى تهجير المسلمين من أراكان بورما حفاظاً على دينهم وعقيدتهم وصوناً لأعراضهم وكرامتهم, وهذا يبين لنا بجلاء المخطط البوذي البورمي لإخلاء إقليم أراكان من المسلمين بطردهم منه أو إفقارهم وإبقائهم ضعفاء لا حيلة لهم ولا قوة، ولاستخدامهم كعبيد وخدم لهم.
ولجعل المستقبل أفضل ولصالح المسلمين ـ وإن كان أمر المستقبل بيد الله إلا أننا أمرنا بالسعي ـ يمكن العمل على مراحل عدة:
المرحلة الأولى: المطالبة بالمساواة في الحقوق العامة كغيرهم من المواطنين، وتنشيط القضية و تفعيلها من ناحية السياسة الداخلية والدولية حتى يتمكن المسلمون من الحصول على حقوقهم، ويحصلون على التمثيل في البرلمان والحكومات المحلية وغير ذلك، وبذلك تقوى مواقفهم.
المرحلة الثانية: المطالبة بتنفيذ رغبة الشعب الأراكاني في تطبيق الشريعة الإسلامية على الإقليم، بكونهم الأغلبية في الإقليم، والإعداد لهذه المرحلة من الناحية الشرعية والدستورية، وتتبعها مراحل أخرى حتى يحصلوا على الاستقلال بإذن الله.
وأخيراً فمن الواجب على كل الحكومات والشعوب الإسلامية التخلي عن مواقفها السلبية المستكينة و الوقوف بحزم أمام الأفعال الفظة التي تمارسها الحكومة البورمية البوذية الحاقدة ضد مسلمي بورما. وأن يمارسوا كافة الأساليب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لحماية مسلمي بورما من بطش السلطة العسكرية البوذية. وهم ينادون ربهم: {رَبنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} فهل من ناصر ينصرهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق